[phpBB Debug] PHP Warning: in file [ROOT]/includes/functions_content.php on line 696: preg_replace(): The /e modifier is no longer supported, use preg_replace_callback instead
[phpBB Debug] PHP Warning: in file [ROOT]/includes/functions.php on line 4757: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at [ROOT]/includes/functions.php:3892)
[phpBB Debug] PHP Warning: in file [ROOT]/includes/functions.php on line 4759: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at [ROOT]/includes/functions.php:3892)
[phpBB Debug] PHP Warning: in file [ROOT]/includes/functions.php on line 4760: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at [ROOT]/includes/functions.php:3892)
[phpBB Debug] PHP Warning: in file [ROOT]/includes/functions.php on line 4761: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at [ROOT]/includes/functions.php:3892)
منتديــــــــــــــات ASA • مشاهدة الموضوع - الردة
 

 

 

 

 

 
 
اليوم هو الخميس مارس 28, 2024 5:14 pm   جميع الأوقات تستخدم GMT + 3 ساعات

تسجيل الدخول

اسم المستخدم:
كلمة المرور:
الدخول تلقائياً  
 


إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 
 
الكاتب رسالة
 عنوان المشاركة: الردة
مشاركةمرسل: الأربعاء مايو 19, 2010 12:23 pm 
غير متصل
عضو مشارك
عضو مشارك
صورة العضو الشخصية

اشترك في: الثلاثاء مارس 27, 2007 5:18 am
مشاركات: 489
مكان: السعودية--- الرياض
النوع:

هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلىَ اللهُ عَليهِ وَسَلَم (سلسلة رقم 4)

الرِّدَّةُ (اي الكفر)
يجبُ على كُلِّ مسلمٍ حِفْظُ إسلامِه وصونُه عَمَّا يُفْسِدُهُ ويُبْطِلُهُ ويَقْطَعُهُ وهُوَ الرِّدَّةُ والعياذُ باللهِ تَعَالَى.
الشرح: أن كلَّ مسلمٍ مأمورٌ بأن يحفَظَ إسلامَهُ مِنَ الردة. والردة هى الكفر بعد الإسلام، وهى تَقطَعُ الإسلامَ وتبطِلُهُ، أى بمجرد حصول الردةِ لا يبقى الشخصُ مسلِمَاً بل يصيرُ فوراً كافراً ولو كان أبواه مسلمَيْنِ.
وقد كَثُرَ فى هذا الزمانِ التساهلُ فى الكلام حتى إنه يخرج من بعضهم ألفاظٌ تُخرِجُهم عن الإسلام ولا يرَون ذلك ذنباً فضلاً عن كونه كفراً.
الشرح: أن هذا أمر مشاهَد، فكثير من الناس يتكلمونَ بالكفر بسهولة كأنَّهم يشربون الماء. فى الأزمان الماضية كان لو تَلَفَّظَ إنسانٌ باللفظِ الكُفْرِىّ علانيةً يحصُلُ من ذلك أمر عظيم. وأما فى أيامِنَا فَيُشْتَمُ اللهُ عزَّ وجلّ علانيةً فى مواضعَ كثيرةٍ جداً ومن أناس كثيرين يَدَّعُونَ الإِسْلام، وقليلٌ مَنْ يَنْصَحُ هؤلاءِ وينهاهُم عمّا يقولون. هذا وكثيرٌ منهم لا يعتقدون أن ما قالُوه كفرٌ يخرجُهُم من الإسلام، وهو حقيقةً مُخْرِجٌ لهم من الدين.
وذلك مصداقُ قولِهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ : "إنَّ العبدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ لا يَرَى بِهَا بأساً يهوِى بها فِى النار سبعين خريفاً" أى مسافةَ سبعين عاماً فى النزول وذلك منتهَى جهنم وهو خاصٌ بالكفار. والحديثُ رواه الترمذىُّ وحَسَّنَهُ، وفى معناهُ حديثٌ رواه البخارىُّ ومسلم. وهذا الحديثُ دليلٌ على أنه لا يُشترَط فى الوقوع فى الكفر معرفةُ الحكم ولا انشراحُ الصدر ولا اعتقادُ معنى اللفظِ كما يقول كتابُ (فقه السنة).
الشرح: أن العبد قد يقعُ فِى الكفر بكلمةٍ واحدةٍ يَنْطِقُ بِهَا، والدليلُ على ذلك حديثُ رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ : "إنَّ العبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكلمةِ لا يَرَى بها بَأْساً يَهْوِى بِهَا فِى النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا". وهذا الحديثُ رواه الإمامُ الترمذىُّ فى جامِعِهِ وقَوَّاه، وبمعناه روايةٌ أخرى رواها البخارى ومسلم: "إن العبدَ لَيتكلمُ بالكلمة ما يَتَبَيَّنُ فِيها -أى لا يرى بها بأساً- يَهوِى بها فى النار أَبْعَدَ مما بَينَ المشرقِ والمغرب". وكِلاَ الحديثين يدُلُّ على أن الشخصَ يَقَعُ فى الكفر بمجرد النطق باللفظ الكفرىّ، ولو كان لا يعتقدُ معنى ذلك الكلام فى قلبه ، بل مُجَرَّدُ أَن يَقُولَه بإرادَتِهِ يكون كفراً ولو كان لا يعتقدُ المعنى، كَمَن يَسُبُّ الله تعالى فإنه لا يُشترط لوقوعه فى الكفر اعتقادُ هذا المعنى الكفرىّ، ولا يُشترط أن ينشَرِحَ صدرُهُ للكفر. رجلٌ يقال له سيد سابق ذَكَرَ فى كتاب له اسمه (فقه السُّنَّة) أَنَّ الإنسان إذا نَطَقَ بالكلمةِ الكفرية لا يكفر إلا إذا كان يعتقدُ معنى اللفظ وانشرحَ صدرُهُ لهذا الكفر. كلام هذا الرجل ضِدُّ حديثِ رسولِ الله الذى ذكرناه وضِدُّ القرءان أيضاً، لأنَّ الله بَيَّنَ لنا فى القرءان أن الذى يُشتَرَطُ فى حقه انشراحُ الصدر حتى يُحكَمَ عليه بالكفر هو فقط المُكْرَهُ على النطق بكلمة الكفر بالقَتْلِ ونحوِه. فَكَّذَّب هذا الرجلُ كتابَ الله وجعل غَيْرَ المُكْرَه مِثْلَ المُكْرَه سواءً. وأمرُه عجيب لأن الإنسانَ الذى يقتُلُ شخصاً بغير حق لا يسألُهُ القاضى هل كنتَ منشرحَ الصدر لما قتلتَه أم لا ليحكُم عليه بالحكم المناسب. وكذلك الذى يسرق لا يسألُه القاضى حتى يُصدِرَ عليه الحكمَ هل كنتَ منشرحَ الصدر لما سرقتَ أم لا؛ فإذا كان الأمرُ كذلك فى القتل والسرقة اللذَينِ هما أخفُ بكثير من ذنب الكفر، فكيف بالنسبة للكفر؟!!.
وكذلك لا يُشترَطُ فى الوقوعِ فى الكفرِ عَدَمُ الغَضَبِ كما أشارَ إلى ذلك النووى، قال: "لو غَضِبَ رجلٌ على ولدِه أو غلامِه فضربَه ضرباً شديداً فقال له رجلٌ: أَلَستَ مسلماً فقال:لا، متعمداً كفر". وقالَه غيرُه من حنفيةٍ وغيرِهم.
الشرح: أنه لا يشترط ليُحكَم على شخصٍ بالكفر أن يكون نطق بالكفر فى حال الرِضَى أى فى غيرِ حال الغضب. يَعنِى أنَّ مَنْ نَطَقَ بكلمةِ الكفر فى حال الرضى أو فى حال الغضب فهو كافر إلا إذا كان غَضَباً شديداً جداً بحيثُ غاب عقلُه بسَبـَبِهِ فما عاد يَعِى ماذا يقول، فَقَدَ التمييز، فعند ذلك لا يكتب عليه اللفظ الكفرىّ. أما فى غير ذلك من أحوال الغضب فإنه يُكتب عليه مهما بلغ به الغضب طالما هو يَتَكلَّمُ بإرادته. بعضُ الناس يقولون: "إذا كان الشخصُ غاضباً فتكلم بكلمةِ الكفر لا تُكتب عليه"، فقولهم هذا ضلال لأن اللهَ ما استثنى هذه الحال فى القرءان والنبِىَّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ما استثناها فى الحديث. فهؤلاء الذين يستثنون حالَ الغضب يستدركون على الله وعلى الرسول فيَكْفُرُونَ بذلك. وقد أشارالحافظ النووىُّ وغيرُه إلى هذه المسئلة، فقال: لو أن إنساناً غضِبَ على ولدِهِ أو غلامِهِ أى عبدِه فبسبب الغضبِ ضَربَهُ ضربًا شديدًا فرءاه رجل يضرِبُهُ هذا الضربَ الشديد فقال له: ألست بمسلم؟! كيف تضربُه هذا الضرب؟! فأجابه بقوله: لا-يعنى لست مسلماً-متعمداً أى بإرادته، قال النووى: يكفر ولو كان غاضباً.
والردةُ ثلاثةُ أقسامٍ كما قسَّمها النووىُّ وغيرُه من شافعيةٍ وحنفيةٍ وغيرِهِم: اعتقاداتٌ وأفعالٌ وأقوالٌ، وكلٌّ يتشعّبُ شُعَبًا كثيرةً.
الشرح: أن الردةَ تنقسم إلى ثلاثة أقسام، اعتقاداتٌ بالقلب؛ وأفعالٌ بالجوارح؛ وأقوالٌ باللسان. علماءُ المذاهب الأربعة قَسَّموا الردةَ إلى هذا التقسيم، مثلُ النووىّ فى كتابه المنهاج، وابنِ الوَرْدِىّ فِى الحَاوِى، وغيرِهِمَا من علماء المذاهبِ الأربعة. وكلُّ قسمٍ من هذه الأقسام الثلاثة يُخرِجُ صاحبَهُ من الإسلام من غير اشتراطِ أن يجتمعَ معَهُ قسمٌ ءاخر.
فَمِنَ الأولِ:(اي الكفر الاعتقادي) الشَّكُّ فِى الله.
الشرح: أنَّ مَنْ شك فى الله أى ما عاد عندَه اليقينُ الجازم فى وجودِ الله عز وجل ولو لمدة قصيرة فإنه يكفر بذلك.
أو فى رسولهِ أو القرءانِ أو اليومِ الآخرِ أو الجنةِ أو النارِ أو الثوابِ أو العقابِ.
الشرح: أن مَن شك أيضاً فى حقِيَّة نبوة سيدنا محمد فهو كافر. أو شك فى حقِيّة القرءان، أو فى اليوم الآخِر أى شَكَّ هل يكون أم لا يكون، أو شك فى الجنة أو النار أى شَكَّ هل يُثابُ الطائعون بالجنة أم لا وهل يعاقب الكفار فى النار أم لا، فإنه يكفر أيضاً.
والذى يُخرِجُ الشخصَ من الإسلام هو الشَّكُّ، وليس مجردَ الخاطر الذى يَخطُرُ له وقلبُهُ جازمٌ بالحق. فإنَّ هذا لا يُؤَثّـِرُ على إيمانه. يعنى إذا خطرَ لإنسانٍ خاطر يُنافِى العقيدةَ الصحيحة لكن هذا ما أورَثَه شَكًّا، بل كَرِهَ هذا الخاطرَ وطردَه، فإنّه فى هذه الحال لا يكفر، بل له ثوابٌ فى كراهِيَتِه لهذا الخاطر.
أو نحوِ ذلك مما هوَ مُجْمَعٌ عليه.
الشرح: أنه إذا كان هناك أمر أجمَعَ المسلمون عليه أى أنّ العالم والجاهل مِن بينهم يعرفُ أن رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ جاء به ثم شكَّ الشخصُ هل هو كما أخبر الرسول أم لا مع معرفته بأنّ الرسول أخبر أنه يكون فإنه يكفر بذلك. مِثلُ وَزْنِ الأعمال فى الآخرة، فإن الجاهلَ والعالم من المسلمين يعرفُ أن رسول الله أخبر أن هذا يكون، فمن شك فى ذلك فهو كافر، إلا أنْ يكونَ مثلَ حديث عَهْدٍ بإسلام ما عرفَ أنَّ الرسول صلّى اللهُ عليهِ وَ سَلَّم أخبرَ عنهُ من قَبلُ، فإنه لا يكفر عندئذٍ.
أو اعتقادُ قِدَمِ العالَمِ وأزلِيَّتِهِ بجنسه وتركيبه أو بجنسه فقط.
الشرح: أن من اعتقد أن شيئاً غيرَ الله كان موجوداً مَعَ الله فى الأزلِ فهو كافر. ذَكَرَ ذلك المُتَوَلّـِى مِن كبارِ مشايخِ الشافعية، والقاضِى عِياض من مشاهيرِ المالِكِيَّة، وابنُ دَقِيقِ العِيد، وقد قِيلَ ببلُوغِهِ درجةَ الاجتهاد، وغيرُهُم كثير.
أو نفىُ صفةٍ من صفاتِ الله الواجبةِ له إجماعاً كَكَونِه عَالِمَاً.
الشرح: أن هناك صفاتٍ من صفات الله عز وجل يعرفُ الجاهلُ والعالِمُ من المسلمين أن الله موصوفٌ بها، فمن أنكر واحدةً منها أو شك فى ذلك فهو كافر. مثلُ الذِى يشكُّ فى قدرَةِ الله على كلِّ شىء، أو يشُكُّ فى عِلْمِ الله بكلِّ شىء، أو يشك فى كونِ الله مُتَكَلّـِمًا سميعاً بصيراً، فإنّ كلَّ ذلك كفر. وليس المراد بذلك أنّ الذى لم يخطُر ببالِهِ قَطُّ أن الله سميع يكفر، إنما المراد أنّ الذى شكَّ هلِ الله موصوف بهذه الصفة أم لا فإنّ هذا الذى يَكْفُر.
أو نسبةُ ما يجب تنـزيهُهُ عنه إجماعاً كالجسم.
الشرح: أن هناك صفاتٍ يعرف الجاهلُ والعالِمُ من المسلمين أن اللهَ مُنَزَّهٌ عنها لأن فيها نِسْبَة َ النَّقْصِ إلى الله، فإذا نسبَ إنسان صفةً من هذه الصفات إلى ربِـّنَا عز وجل فهو كافر. كالذى يصفُ اللهَ بأنه جسم، أو بأنه ضوء، أو ينسب إلى الله تعالى اللون أو الجلوس، لأنه يكون شبَّه اللهَ بالمخلوقين. وكذا لو قال إنّ الله جسمٌ لكن لا كالأجسام فهو كافر. وقد نقل صاحبُ الخِصَال من الحَنـَابلة عن الإمام أحمد أنه كَفَّر الذى يقول: "إن الله جسمٌ لا كالأجسام"، وذلك لأنه نَسبَ إلى الله ما لا يليقُ به أى الجسمية.
أو تحليلُ محرمٍ بالإجماعِ معلومٍ مِنَ الدّين بالضرورةِ مما لا يَخْفَى عليه كالـّزِنَى واللواطِ والقتلِ والسرقَةِ والغَصْب.
الشرح: أن هناك أموراً يعرفُ الجاهلُ والعالم من المسلمين أنَّهَا مُحَرَّمَة مثل القتل المُحَرَّم والسرقة والغَصْب وما شابَه ذلك. فإذا زَعَمَ إنسان أن شيئاً من هذه الأمور حلالٌ فهو كافر، كالذى يَزْعُمُ أَنَّ شرب الخَمْرِ جائز، أو أَنَّ أكلَ لحمِ الخنـزير جائز، أو أن الزنا جائز، فإنه يكفُرُ، إلا إذا كان مثلَ حديثِ عهدٍ بالإسلام ولم يكن عَرَف أن هذه الأشياءَ محرمةٌ فى دين الإسلام، فإنه لا يُكَفَّر عند ذلك بل يُعَلَّم.
أو تحريمُ حلالٍ ظاهرٍ كذلك كالبيعِ والنِـّكَاح.
الشرح: أن هناك أشياءَ يعرف الجاهلُ والعالِمُ من المسلمين أنها حلالٌ فى الشرع، فإذا زَعَمَ إنسان أنَّها حرامٌ فهو كافر، مثلُ الزِواج، فإنه إذا حَرَّمَهُ إنسان فهو كافر. ومثلُ الذبيحة بالطريقة الشرعية، إذا زعم إنسان أَنَّها حرام فهو كافر.
أو نفىُ وُجُوبِ مُجْمَعٍ عليه كذلك كالصلواتِ الخمسِ أو سجدةٍ منها والزكاةِ والصومِ والحجِ والوضوءِ.
الشرح: أن هناك أموراً الجاهلُ والعالِمُ من المسلمين يعرف أنها واجبة ‎فرض، مثل الصلوات الخمس. فإذا قال إنسان: أنا سقط عنى التكليف بالصلوات الخمس، أو قال: الذى يَصِل إلى حدِّ صفاءِ القلب لا يعود فرضاً عليه أن يصلى، فهذا كافر. كذلك الذى يُنكِر أن الزكاة واجبة، أو يُنكر وجوبَ صومِ رمضان، فإنه يكفر.
أو إيجابُ ما لم يَجِب إجماعاً كذلك.
الشرح: أن هناك أموراً الجاهلُ والعالِمُ من المسلمين يعرف أنها ليست فرضاً، مثل ركعتين تُصَلَّيان تَطَوُّعاً قبل صلاة الصبح. النبىّ حث على صلاة ركعتين قبل صلاةِ فرضِ الصبح. فإذا قال إنسان إنّ الإتيان بهاتين الركعتين فرض بمرتبة الصبح فهو كافر.
أو نفْىُ مَشروعيَّةِ مُجْمَعٍ عليه كذلك.
الشرح: أن هناك أموراً الجاهل والعالم من المسلمين يعرف أنها مشروعة أى أنّ فى فعلها ثواباً فى الشرع، مثل صلاة الوتر. فإذا أنكر إنسان مشروعيةَ أمرٍ من هذه الأمور فإنه يكفر. مثل الذى يقول: صلاة الوتر ليس فيها ثواب، فإنه كافر. وهكذا كلُّ حكمٍ معلومٍ من الدين بالضرورة أنه من أحكام الشريعة من أنكرَه كَفَر، يعنى كلُّ حكمٍ الجاهل والعالم من المسلمين يعرف أنه من أحكام الشريعة. وكذا يكفر من يزعم أن هذا الحكم ليس شيئاً حسناً أو ليس عدلاً مع معرفته بأنه من الشرع، كالذى يُرْوَى عن أَبِى العلاء المعَرِّىّ فى الذبيحَةِ والزِواج من ذَمّـِه لهذين الأمرين، فإن هذا كفر. ومثلُ ما يقولُه بعضُ الذين يدعون الاهتمام بأمور النساء فى هذا الزمن من ذمِّ جواز تعدد الزوجات للرجل أو ذم الحجاب وما شابه، فهذا كلُّهُ كفر.
ما جاء به رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فهو مقبول ، وكل ما خالفه فهو مردود على قائله كائناً من كان.
أو عَزَمَ على الكفرِ فى المستقبلِ أو على فِعْلِ شىء مما ذُكِر أو تَرَدَّدَ فيه.
الشرح: أن من عَقَدَ قلبَه أى عَزَم عزماً جازماً على أن يكفر فى المستقبل كَفَرَ فى الحال. وكذلك الذى يتردد هل يكفُرُ أم لا يصير كافراً فى الحال. ومثلُهُمَا الذى يُعَلّـِقُ كفرَه على حصولِ شىءٍ فى المستقبل، لأن المؤمن حقيقة يكون قلبُه ثابتاً على الإيمان، لا يريدُ أن يتركَهُ أبداً.
لا خُطُورُهُ فى البالِ بدونِ إرادة.
الشرح: أن الإنسان لا يحاسَبُ على خاطر قبيح لم يعتقده ولم يعمل به.
أو أَنكَرَ صُحبَةَ سَيّدِنَا أَبِى بكرٍ رضى الله عنه.
الشرح: أن من اعتقد بقلبِهِ أن أبا بكرٍ ليس صاحبَ رسولِ الله فهو كافر. ويَخُصُّ الفقهاءُ أبا بكر بالذكر فى هذه المسئلة ولا يذكرون عمر مثلاً أو عثمان أو علياً لأن الله تعالى نص على صُحبة أبِى بكرٍ فى القرءان قال الله تعالى: {إذ أَخرجه الذين كفروا ثانِىَ اثنينِ إذْ هما فى الغارِ إذْ يقولُ لصاحِبِهِ لا تَحْزَن} فَسَمَّى اللهُ أبا بكر صاحبَ رسول الله فى القرءان وتفسير الصاحب هنا بأبى بكر أجمع عليه المسلمون، فمن أنكر ذلك فقد كذَّب القرءان وكفر بذلك.
أو رسالةَ واحدٍ منَ الرسُلِ المُجْمَعِ على رسالتِهِ.
الشرح: أن هناك أنبياءَ يعلم الجاهل والعالم من المسلمين أنهم أنبياء، مثلَ ءادم ونوح وموسى وعيسى ومحمد صلوات ربى وسلامُه عليهم، فإذا أنكر إنسان نُبوة واحد منهم فهو كافر. أما إذا لم يعرف مثلاً أن شِيْـثًا كان نبياً، فلما ذُكِرَ أمامَهُ اسمُ شِيثٍ ظن أنه ليس نبياً، فإنه لا يكفر بهذا. وكذلك لا يكفر من أنكر كَونَ الخَضِر نبياً، لأن العلماء اختلفوا هل كان الخضر نبياً أم رجلاً صالحاً غيرَ نبىّ، وإن كان جُمهُورُهم على القول بأنه نبىّ، وهو القول
الصحيح الذى تَدُلُّ عليه النصوص الشرعية.أما من شهرت نبوّته كإبراهيم أو ءادم من أنكر نبوته يكفر إلا أن يكون لا يعلم أنه نبىّ أو كان علم لكن لبعده من قراءة القرءان وسماعه نسى بالمرّة فلم يقل بنبوّته أو أنكر لا عن عناد فلا يكفر
أو جَحَدَ حرفاً مُجْمَعًا عليه مِنَ القرءان، أو زاد حرفًا فيه مجمعًا على نفيه معتقدًا أنه منه عنادًا.
الشرح: أن من زاد شيئاً على كتابِ الله عز وجل وهو يعلم أنّ هذا ليس من القرءان لكن لأجلِ العناد قال هذا من القرءان فإنه يكفر.كذلك الذى ينفى حرفاً واحداً أنه منَ القرءان وهو يعلمُ أنه من القرءان لكن لأجل العناد قال هو ليس من القرءان فإنه يكفر بذلك. أما الذى زاد شيئاً أو أنقَصَهُ بسبب سوء حفظه لا عناداً فإنه لا يكفر بمجرد ذلك.
أو كَذَّب رسولاً أو نَقَّصَهُ أو صَغَّر اسمَهُ بقصدِ تحقيرِهِ.
الشرح: أن كلَّ تنقيص أوتكذيب أوَذَمٍّ لنبىٍّ من أنبياء الله كيفما كان فهو كُفْرٌ. كما لو اعتقد إنسان فى نبى من أنبياء الله أنه جاهل فى الدين، أو جبان، أو غيرُ أمين، أو أنه سفيه أو رذيل أو ما شابه ذلك فإنه يكفر.
أو جوَّزَ نُبُوَّةَ أحَدٍ بعد نبينا محمدصلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ.
الشرح: أن من جملة الكفر الاعتقادى أن يعتقدَ إنسان أنه جائز شرعاً أن يأتِىَ نبىّ بعد محمد صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ. فإنّ هذا كفر سواءٌ قال إنَّه يجوز أن يُبعَثَ بعد محمد نبىٌّ رسول أو نبىٌّ غيرُ رسول، مثل القاديانية فإنّ قسماً منهم يزعُمُون أن نبوةَ غُلام أحمد نُبوةٌ ظِلّيَّة، يعنون أنه ليس نبياً مستقلاً إنما هو نبىٌّ تابعٌ لمحمدٍ عليه الصلاة والسلام، وهذا كفر لأنهم أثبتوا له وصفَ النبوة، فكذبوا بذلك القرءانَ والرسولَ وَالأمَّةَ قاطبةً.
والقسمُ الثانِى الأفعالُ(اي الكفر الفعلي) : كسجودٍ لصنمٍ أو شمسٍ أو مخلوقٍ ءاخرَ على وجهِ العبادةِ له.
الشرح: أنَّ القسمَ الثانِىَ من أقسامِ الردة هو الردةُ الفعليةُ المتعلقةُ بالجوارحِ، مثلُ السجودِ لصنمٍ. فمن سجدَ لصنم من غير إكراه كَفَّرْنَاهُ من غير نظرٍ إلى نيتـِهِ، وكذلك من سجدَ للشمسِ، أو القمر، أو الشيطان، أو النار، أو نحوِ ذلك من الأشياء التى لا يَسْجُدُ لها إلا الكفار. وأما من سجد لإنسانٍ فَفِى الأمرِ تَفصِيل. إنْ سجدَ له بنيةِ العبادة فهو كُفر، وإنْ سَجَدَ له تحيةً أو نحوَ ذلك فلا يَكْفُر. وقد كان هذا الأمرُ أى السجودُ لمسلمٍ تحيةً واحتراماً جائزاً فى بعض الشرائع السابقة، كما سَجَدَ الملائكةُ لآدم، ثم حُرِّمَ هذا الأمر فى الشريعةِ المحمديةِ، فلا يجوزُ أن يسجدَ شخصٌ لشخصٍ ءاخر ولو كان على وجه التحية والاحترام. ومِنَ الكفر الفعلىّ أيضاً إلقاءُ المصحف فى القاذورات ولو قال الشخصُ الذى فعل هذا الأمر: أنا ما كنت أقصِدُ الإهانة، لأن مجرد فعله إهانة. أمّا إن كان لا يعرف أنَّ الكتاب الذى يرميه هو المصحف لأنه لم ينظر فيه ثم رماه فى القاذورة فلا يكفر.( والقاعدةُ فى هذا الأمر أن كلَّ فعلٍ أجمع المسلمون أنه لا يصدُرُ إلا من كافر فمَن فَعَلَهُ فهو كافر، مثل ما لو تَزَيَّى إنسان بالزِىّ الخاص بغير المسلمين ودخل معَهم معابدَهُم مختلطاً بهم وهو على هذه الحال أى وهو مُتَزَىٍّ بالزِىّ الخاص بهم فإنه يكفر أو لبس شعار الكفر وفعل مثل ذلك لأن هذا أمر لا يصدر إلا من كافر فمن فعَلَهُ صار كافراً.وأما من لبس شعار الكفر لغرض دنيوي من غير استحلال لذلك ومن غير أن يدخل معهم معابدهم مختلطا بهم فإنه لا يكفر ولكنه أثم إثما كبيرا)
والقسمُ الثالثُ الأقوالُ(اي الكفر اللفظي) وهى كثيرةٌ جداً لا تنحصر.
الشرح: أنَّ أكثر الكفريات إنما هى كفرياتٌ باللّسان، وهذا مصداقُ حديثِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ: "أكثرُ خطايَا ابنِ ءَادم مِنْ لسانِهِ"، رواه الطبرانىُّ.
مِنْهَا أَنْ يقولَ لمسلمٍ يا كافرُ أو يا يهودىُّ أو يا نصرانـىُّ أو يا عديمَ الدينِ مريداً بذلك أَنَّ الذِى عليه المخاطَبُ مِنَ الدينِ كفرٌ أو يهوديةٌ أو نصرانيةٌ أو ليس بدين لاَ عَلَى قصدِ التشبيهِ.
الشرح: أَنَّ الإنسان إذا قال لشخصٍ هو يعرِفُهُ مسلماً "يا كافر" أو "يا نصرانىّ" أو "يا يهودىّ" أو "يا عديمَ الدين" وكان قصدُه بكلمة يا كافر أن دينَك دين كُفر أو أنت دينُك نصرانية أو دينُكَ يَهودية أو أنت حقيقةً لست على دِين، ما كان يقصِدُ تشبيهَهُ باليهود أو النصارى أو من لا دين له إنما كان يقصِد أنه حقيقة على دين غير الإسلام وهو يعرفُ أنه مسلم وأنَّ دينَه الإسلام، فى هذه الحال يكون سمَّى الإسلام كفراً فيصيرُ كافراً. وقد بَيَّنَ ذلك سيدُنا محمَّدٌ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فقال: " إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلاَّ رجعت عليه". رواه البخارىُّ وابنُ حِبّانَ وغيرُهما. أما إذا كان قصدُه تشبيهَهُ بالكفار وما كان يقصد بهذه الكلمة أنه كافر حقيقةً فلا يَكْفُر، كأن قال له يا كافر ويقصِد أنه لخساسة أعماله كأنه كافر ليس مسلماً، فهُنا لا يكفر لكن عليه إثم كبير.
وكالسُّخريةِ باسمٍ من أسمائِهِ تعالى أو وعدِهِ أو وَعِيدِهِ ممن لا يخفى عليه نسبة ذلك إليه سبحانه.
الشرح: أن من استهزأ بالله أو بوعد الله أو بوعيد الله فهو كافر، كما لو استهزأ إنسانٌ باسمٍ من أسماء الله مع علمه أن هذا اسمُ الله عز وجل فإنه يَكْفُر. ومثل ذلك ما لو استهزأ بالجنة. بعضُ الناسِ من خُبْثِهِم يستهزِءُونَ بالجنة يقول بعضهم للآخر "اذهب أنت إلى الجنة، الجنة ماذا فيها؟ أما أنا أريد أن أذهب إلى النار لألقى المغنين وأمثالهم هناك"، يعنى أن الجنة ليست ذات قيمة، فهذا كفر. أما لو كان الشخص لا يَعْرِف أَنَّ الله توعد بوعيدٍ ما أو وَعَدَ بوعدٍ ما فاستهزأ به لا يَكْـفُر، كما لو أنَّ شخصاً ما عَرَف أن هناك عقاربَ فى جهنم يَـتَعَذَّبُ بها الكفار فسَمِعَ إنساناً يتحدثُ عن هذا الأمر فَظَنَّ أنَّ هذا الأمرَ غيرُ صحيح فاستَخَفَّ بكلامه فإنه لا يَكْفُر لأنَّه ما قصد الاستخفافَ بِوَعِيدِ الله عز وجل.أما سب جهنم بما فيها فجائز، يجوز أن نقول جهنم قبيحة منتنة نحن لا نحبها والله لا يحبها.أما لو قال شخص عذاب جهنم شىء سهل شىء خفيف فهذا كفر لأنه تكذيب للدّين.
وكأنْ يقولَ لو أَمَرَنِى اللهُ بكذا لم أفعَلْهُ أو لو صارتِ القبلةُ فى جهةِ كذا ما صليتُ إليها أو لو أعطانِى اللهُ الجنةَ ما دخلتُهَا مستخفاً أو مظهراً للعناد فى الكل.
الشرح: أَنَّ الاستخفافَ قَد يكونُ مع اعتقادِ عَدَمِ الحَقِيّة، أما العناد فقد يكونُ مع اعتقادِ الحقيَّة ولكن مع إظهارِ خِلافِ ذلك، فمن قال ألفاظاً مشابهة للألفاظ التى مَثَّلَ بها المؤلف سواءٌ قالَها عناداً أو استخفافاً فهو كافر.
وكأَنْ يقولَ لو ءَاخَذَنِى اللهُ بتركِ الصلاةِ مَعَ مَا أنا فيه مِنَ المَرَضِ ظَلَمَنِى.
الشرح: أنه إذا كان إنسان مريضاً مثلاً فَتَرَكَ الصلاةَ فى مَرَضِهِ، فقال له إنسان "لِمَ لا تُصَلّى؟ صَلِّ، الصلاة ما زالت واجبةً عليك." فأجابَه: "لو ءاخذنى الله بتركِى للصلاة مع الحال التى أنا فيها من المرض ظلمنى" يكون كافراً بذلك لأنه أجازَ الظُلْمَ على الله تعالى.
أو قَالَ لِفِعْلٍ حَدَثَ هذا بغيرِ تقديرِ الله.
الشرح: أنه إذا قال إنسان عن شىءٍ واحد أنَّه حصل بغير تقدير الله فهو كافر، وهذا شامل للخير وللشر، لأنَّ الخيرَ والشر حُصُولُهُمَا بتقديرِ الله، ولا يُلاَمُ اللهُ تعالى على تقديرِه للشر، وإنما يلامُ العبدُ الذِى يفعَلُ الشرَّ.
أو [إذا قال إنسان] لو شَهِدَ عندِىَ الأنبياءُ أو الملائكةُ أو جميعُ المسملينَ بكذا ما قَبِلْتُهُم.
الشرح: أنَّ قائِلَ هذه الكلمة كافر، لأن الذى لا يَقْبَلُ شهادةَ الأنبياء فهو مُخَوِّنٌ لَهُم، وكذا بالنسبة للملائكة، وكذا بالنسبةِ لجميعِ المسلمين. ومن خَوَّنَ الأنبياءَ فهوَ كافر لأنَّه مُكَذِّبٌ للقرءان، وغيرُ مؤمنٍ بالأنبياء. وكذا الذى يُخَوّنُ الملائكةَ أو يُخَوِّنُ كلَّ المسلمين فإنّ من خوَّنَهم كلَّهم يريدُ أن يَنْقُضَ الدّينَ من أساسِهِ، لأنَّ أحكام الدّين إنما وصلتْـنَا عن طريق المسلمين. فلو كان خبرُ جميعِهم غيرَ مَقْبُول لَمَا كان ثقةٌ بما نُقِلَ إلينا من الشرع، ولذلك قائل هذه العبارة كافر.
أو قال: لا أفعلُ كذا وإِنْ كان سنةً بقصدِ الاستهزاء.
الشرح: أنه إذا قال إنسان لآخر: "لِمَ لا تستعمل السواك؟ السواك سُنَّة" فأجابَه "لا أُريد وإن كان سنة"، ويقصد أن هذا الأمر شىءٌ مُسْتَقْذَر فإنه يَكْفُر لأنه بذلك يستهزئ بسنة رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ . أما إِنْ كان لا يريد الاستخفاف بسنَّةِ الرسول لكنه قال لا أريد ويعنى بذلك أنه الآن لا يستَعْمِلُهُ فإنه لا يَكْفُر.
أو[قال شخص] لو كانَ فلانٌ نبياً ما ءَامَنْتُ به.
الشرح: أنَّ قائل هذه العبارة يَكْفُر، لأن كلمَتَهُ تتضمن الاستخفافَ بمنصِبِ النُّبوّة. هذا كأنه يقول: "منصبُ النبوة ليس له شأن عندِى"، فهو كافر.
أو أعطاهُ عالِمٌ فَتْوًى فَقَال: أَيْشٍ هذا الشرع مريداً الاستخفافَ بحكمِ الشرع.
الشرح: أنه إذا إنسان أَصْدَرَ فى حَقِهِ حاكمٌ شرعِىّ حكماً شرعياً، أو طَلَبَ مِن مُفْتٍ جواباً على مسألة فأفتَاهُ فيها، فلم يعجبه الحكم أو الفتوى فقال له: أَيْشٍ هذا الشرعُ؟ يعنى بذلك أن حكم الشريعة المحمدية شىءٌ قبيح غيرُ صحيح، فإنه يَكْفُر. أما لو أراد أيْشٍ هذا الذى أنت تزعُمُهُ شرعاً وهو ليس بشرعِ النَّبِىّ فلا يَكْفُر.
أو قال: أَنَا بَرِىءٌ مِنَ اللهِ أو مِنَ الملائكَةِ أو مِنَ النَّبِىّ أو مِنَ الشريعةِ أو مِنَ الإِسْلاَمِ.
الشرح:أن هذه الألفاظَ من الكفر الصريح فمن قال شيئاً منها فهو كافر.
أو قال: لا أعْرِفُ الحُكْمَ مُسْتَهْزِئَاً بحُكْمِ الله.
الشرح: أنه إذا قال إنسان لآخر: "ما هو حكمُ هذه المسئلة فى الشرع؟" فأجابه "لا أدرى"، يريد بذلك أن هذا شىء لا أهميةَ له عندى أى أنا لا أرى منـزلةً لأمور الشرع، فإنه يكفر. أما إذا قالَ كلمةَ "لا أدرِى" فى موضِعِهَا فكلامُهُ ممدوح. رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ سُئِلَ مَرةً ما هى خير البقاع وما هى شر البقاع؟ فقال: "لا أدرى أسأَلُ جبريل" ثم سألَ جبريلَ فقال: "لا أدرِى أسألُ ربَّ العِزَّة"، ثم أوحى الله للنبىِّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أنّ خيرَ البقاع المساجد وأنَّ شرَّ البقاع الأسواق. رواه ابن حبّان.
أو قال وقد ملأ وعاءً: {وكأساً دهاقاً}[1] أو أفرغَ شراباً فقال: {فكانت سراباً}[2] أو عند وزن أو كيل: {وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}[3] أو عند رؤيةِ جمعٍ: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً}[4] بقصدِ الاستخفافِ فى الكُلِّ بمعنى هذه الآيات. وكذا كلُّ موضع استُعمِل فيه القرءانُ بذلك القصد، فإن كان بغير ذلك القصد فلا يكفر. لكن قال الشيخ أحمدُ بن حجرٍ: لا تبعدُ حرمتُه.
الشرح: أنَّ من أورَدَ ءايةً من ءايات القرءان فى أَىّ موضع لأجل الاستخفاف بها فهو كُفر. كأن كان يملأُ كأساً بالخمرِ فقال: {وكأساً دهاقاً} يريدُ بذلك أن هذا الخمر الذى يضَعُهُ فى هذه الكأس خيرٌ من شرابِ أَهْلِ الجنة، يعنِى أنَّ هذا هو الشرابُ المُسْتَلَذُّ ليس ذاكَ الموعودَ به أهلُ الجنة، فإنه يَكْفُر لأنه استَخَفَّ بمعنَى ءايةٍ من ءاياتِ كتابِ الله. أما لو أوردَ ءايةً من الآيات فى غيرِ موضِعِهَا لكن بغيرِ استخفاف فلا يَكفر. كأن رأى أُنَاسَاً مُجْتَمِعِينَ أو دَعَا أناساً للاجتماع فاجتمعَ قومٌ كثيرون فأورد قولَ الله: {وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً} وهو لا يريد بذلك الاستخفاف بالآية فلا يكفر. لكنْ قال أَحْمَدُ بنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِىّ الفقيهُ الشافعىُّ المعروفُ: إنّ هذا الأمر وإن لم يكن كفراً لكن ليس بعيداً أن يقال عنه حرام، لأنه إيرادٌ للآية فِى غيرِ موضِعِهَا وهذا فيه إساءةُ أَدَبٍ مع القرءان.
وكذا يَكْفُرُ مَنْ شَتَمَ نَبِيًّا أو مَلَكًا.
الشرح: أَنَّ من شَتَمَ نبياً من الأنبياء أو مَلَكَاً من الملائكة فهو كافر بلا تفصيل.
أو قال: أَكونُ قَوَّاداً إِنْ صَلَّيتُ أو ما أصبتُ خيراً منذُ صليتُ أو الصلاةُ لا تصلح لِى بقصدِ الاستهزاء.
الشرح: أن الذى يقول هذه الألفاظَ بقصدِ الاستهزاء بالصلاة فهو كافر بلا شك. كالذِى يقولُ عن نفسه إنه إذا صلَّى يكون قواداً -والقواد هو الذى يجلب الزبائن للزانيات- فإنَّ هذا القائل يكفر لأنه مستخفٌ بالصلاة. لكن لو قالت امرأَةٌ حائِضٌ: "الصلاة لا تصلُحُ لى" وتريد بذلك أنه طالما أنا فى الحيض لا يجوز لِى أن أصلّىَ فلا تَكْفُر.
أو قالَ لمسلمٍ: أنا عَدُوُّك وعدوُّ نَبِيِـّكَ أو لشريفٍ: أنا عدوُّكَ وعدوُّ جدِكَ مُريداً النبىَّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ. أو يقولَ شيئاً من نحو هذه الألفاظِ البَشِعَةِ الشَّنِيعَة.
الشرح: أن من شَتَمَ رسولَ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أو تَنَقَّصَهُ بأىِّ وجهٍ من أَوْجُهِ الشتم أو التنقيص فهو كافر بالإجماع. قال القاضِى أَبُو يُوسُف رحمه الله: مَنْ شَكَّ فِى كُفْرِهِ وعَذَابِه فهو أيضاً كافر إهـ. يعنى من شك فى كُفْرِ الذى يَسُبُّ النبىّ وأنه يستحقُ العذابَ فى الآخرة فهو أيضاً كافر. ومثلُهُ قال سَحْـنُون المالِكِىّ. فإذا كان هذا فِى سَبِّ النبىّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ فكيف بالذى يَسُبُّ الله تعالى ؟!!.
وقد عَدَّ كثيرٌ من الفقهاء كالفقيه الحنفىّ بدر الرشيد والقاضى عياضٍ المالكىِّ رحمهما اللهُ أشياءَ كثيرةً. فينبغى الاطّـِلاعُ عليها، فإنَّ مَنْ لم يَعْرِفِ الشرَّ يقَعُ فيه.
الشرح: أَنَّ القاضِىَ عِياضاً عاش فِى القرن الخامس الهجرىّ، وهو من أشهرِ فقهاء المالكية، وقد ذَكَرَ فِى كِتَابِهِ الشِفَا ألفاظاً عَديدةً تُخْرِجُ من الإسلام للتحذيرِ منها. وكذا فَعَلَ غيرُهُ من فقهاء المذاهب الأربعة. ومنهم فَقِيهٌ حَنَفِىّ كان فى القرن الثامن الهجرىّ يقالُ له بدْرُ الرَّشِيد أَلَّفَ رسالةً أى كتاباً صغيراً خاصاً بتَعْدَادِ الألفاظ الكفرية. وإنما فعلوا ذلك حتى يَحْذَرَ المسلمُ مثلَ هذِه الألفاظ ويتجَنَّبَهَا.
والقاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ (اعتقاد) أو فعلٍ أو قولٍ يدلُّ على استخفافٍ بالله أو كتبِه أو رسلِهِ أو ملائكتِهِ أو شعائرِه أو معالمِ دينِه أو أحكامِهِ أو وَعده أو وعيدِه كفرٌ. فليحذرِ الإنسانُ من ذلك جَهْدَهُ على أىّ حال.

الشرح: أن كلَّ اعتقادٍ بالقلب أو فعلٍ بالجوارح أو قولٍ باللسان فيه استخفافٌ بالله فهو كفر. وكذا ما فيه استخفافٌ بكُتُبِ الله المُنَزَّلَة، أو بأنبيائِهِ، أو بالملائكة، أو بشعائر الدين ومعالِمِه أى الأشياء التى هى عَلَمٌ على أمور الدين أى التى هى مشهورة من أمور الدين، كالأذَان فإنه يقال له عَلَمٌ أو شَعِيرَة، ومثل الحج والمساجد وعيد الفطر وعيد الأضحى والصلاة، كلُّ هذه من معالم الدين وشعائِرِه فالاستخفاف بها كُفرٌ. وكذلك الاستخفافُ بأحكام الشريعة أو بوعد الله أو بوعيده، كلُّ ذلك كُفر سواءٌ عَقَدَ الإنسانُ على ذلك قلبَهُ أو فَعَلَهُ بجوارحِهِ أو نَطَقَ به بلِسَانِهِ. فليَحْذَرِ الإنسانُ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ لأن من مات على الكفر فقد خَسِرَ الدنيا والآخرة، أعاذنا الله من ذلك.

[1]سورة النبأ، ءاية 34.

[2]سورة النبأ، ءاية 20.

[3]سورة المطففين، ءاية 30.

[4]سورة الكهف، ءاية 47.


أعلى
 يشاهد الملف الشخصي  
رد مع اقتباس  
 
عرض مشاركات سابقة منذ:  مرتبة بواسطة  
إرسال موضوع جديد الرد على الموضوع  [ مشاركة واحده ] 

جميع الأوقات تستخدم GMT + 3 ساعات


الموجودون الآن

المستخدمون المتصفحون لهذا المنتدى: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زائر/زوار


لا تستطيع كتابة مواضيع جديدة في هذا المنتدى
لا تستطيع كتابة ردود في هذا المنتدى
لا تستطيع تعديل مشاركاتك في هذا المنتدى
لا تستطيع حذف مشاركاتك في هذا المنتدى

البحث عن:
الانتقال الى:  
cron

 

Powered by phpBB © 2000, 2002, 2005, 2007 phpBB Group  designed by alisaadali.com
Translated by phpBBArabia